شهدت مدينة غابس في الجنوب التونسي، يوم الثلاثاء، شللاً شبه كامل في الحركة الاقتصادية والحياة اليومية، بعد تنفيذ إضراب عام ومظاهرات جماهيرية واسعة احتجاجًا على ما وصفه الأهالي بـ“التلوث القاتل” الناتج عن المصنع الكيميائي الحكومي، التابع لمجموعة الشركات الكيميائية التونسية (CGT).
أغلقت المحال التجارية والأسواق والمدارس أبوابها استجابةً لدعوة الاتحاد العام التونسي للشغل (UGTT)، فيما احتشد عشرات الآلاف من المواطنين في مسيرات ضخمة رفعت شعارات مثل “غابس تريد الحياة” و*“تفكيك الوحدات الملوثة”*، مطالبةً بإغلاق تدريجي للمصنع وتنفيذ إجراءات حقيقية لتنقية البيئة بعد سنوات من الوعود غير المنجزة.
وقال محتجون إن المصنع تسبّب في ارتفاع معدلات السرطان والأمراض التنفسية بين السكان، إلى جانب تدمير المنظومة البحرية التي تشكل مصدر رزق لآلاف الصيادين المحليين، الذين أكدوا تراجع الثروة السمكية بشكل حاد خلال العقد الأخير.
وفي وقت سابق، وصف رئيس الجمهورية قيس سعيّد وضع غابس بأنه “اغتيال بيئي” نتج عن سياسات حكومية “إجرامية”، محمِّلًا الحكومات السابقة مسؤولية التدهور البيئي والصحي في الجهة.
من جهته، أعلن وزير الصحة مصطفى فرجاني عن مشروع لبناء مستشفى متخصص في علاج السرطان بغابس، لمواجهة الارتفاع المتزايد في الحالات، دون تحديد موعد دقيق لبداية الأشغال.
يُذكر أن الحكومة التونسية كانت قد وعدت سنة 2017 بتفكيك المصنع تدريجيًا، لكنها عادت مطلع هذا العام لتعلن زيادة الإنتاج، ما أثار غضب النشطاء البيئيين.
وأكد المتظاهرون أن تحركهم سلمي ويهدف فقط إلى “الحق في الحياة”، رافعين شعارًا لخص موقفهم:
“لا نريد الموت البطيء… نطالب بحياة كريمة في بيئة نظيفة.”