نجاح عابر للحدود
لم يقتصر نجاح رميلا على منطقة الأوراس فقط، بل امتد ليشمل الجزائر بأكملها، من الجزائر العاصمة إلى وهران، ومن تلمسان إلى باريس، وحتى كندا والمكسيك. الطلبات تتزايد من مختلف أنحاء العالم. تقول حية بلهفة: «عندما تسافر دمية إلى الخارج، أشعر وكأن قريتي تسافر معها»، وتضيف: «هذه طريقتي في جعل رميلا – هذه الدُوَّار التي لم أعش فيها لكن أحتفظ بها في قلبي – حاضرة دائماً».
ومع اقتراب عرضها في تونس، يتجلى أن رسالة رميلا تتجاوز حدود الوطن، وتلامس وجدان الشعوب الأخرى
مشاريع قيد التحقق
تمكنت رميلا من شد انتباه الجمهور المحلي عبر عدة معارض سابقة. واليوم، يجري العمل على مشاريع جديدة تشمل إصدار كتاب، إنتاج فيديوهات، وتنظيم ورشات تعليمية، بهدف الحفاظ على هذا الفن ونقل رسالته العميقة.
تؤكد حية بوعلي: «نقل التراث هو فعل مقاومة. إنه قولٌ موجهٌ للأجيال الجديدة: “أنت تنتمي إلى مكان ما، فلا تنسى.”» فمع كل دمية، لا تحيك بيديها فقط، بل تنسج جسراً بين الماضي والمستقبل. والآن، يعبر هذا الجسر البحر ليصل إلى تونس، حيث ستحمل رميلا راية شعبها بكل فخر. إنه فعل بسيط، لكنه أساسي، لضمان استمرار الحياة في الثقافة الشاوية وامتدادها خارج الأوراس.
حرفة تنبض من المنزل
في زاوية من بيتها، تبدع حية مسعودة بوعلي، المعلمة المتقاعدة والناشطة الثقافية، في صناعة دمية رميلا. هذه الشخصية الصغيرة التي ترتدي “ثملحفت”، الزي التقليدي الشاوي، ليست مجرد لعبة، بل هي ثمرة حياة كاملة من الحب، والفخر، والنضال من أجل نقل التراث.
تقول حية: «كنت أرتدي اللاحف الشاوي دائماً، حتى في قاعة الدرس»، وتضيف: «كان تلاميذي يرون فيّ سفيرة صامتة لهذا الزي العريق. وعندما تقاعدت، خفت أن ينقطع هذا الخيط، فقررت أن أخلق رميلا.» إنها لحظة وفاء لثقافة عزيزة، ولدت في وقت قرر فيه كثيرون طي صفحة الماضي.
أقمشة ثمينة ولمسات دقيقة
كل دمية تحتاج ساعات طويلة من العمل المتقن، من الخياطة الدقيقة إلى إضافة التفاصيل الرمزية: الأحزمة، التطريزات، الإكسسوارات… كل عنصر يُراعى فيه الأصالة والدقة. أما الأقمشة، فبعضها يُشترى من محلات الخياطة، والبعض الآخر مصدره خزائنها الشخصية التي جمعت محتوياتها عبر السنين.
وتكمن قوة رميلا في قدرتها على ملامسة قلوب جميع الأجيال. تقول حية:
«الدمية تمثل الطفولة، والذاكرة العاطفية. إنها وسيلة ناعمة لتعريف الأطفال بالتراث منذ سن مبكرة.»