Table of Contents
قضية صحية إنسانية تستدعي جهودًا مكثفة
يُمثل زرع الأعضاء في تونس من أكثر الملفات الطبية والإنسانية أهمية، حيث تتطلب تعبئة جميع الأطراف المعنية بجهود إضافية. ورغم التقدم الذي أُحرِز في الآونة الأخيرة، يظل الوعي العام حول التبرع بالأعضاء محدود النطاق، بينما تظل معدلات الزراعة أقل بكثير مما يتطلبه الطلب المتزايد لدى المرضى.
في حديثه مع “موزاييك”، يصف الدكتور محمد الفقراوي، المنسق الطبي في المركز الوطني لترقية زرع الأعضاء، زرع الأعضاء بأنه يُعدّ موضوعًا حساسًا وغير مألوف لدى شريحة من التونسيين، حيث يتجنب الكثيرون مناقشته أو الخوض في أبعاده. ومع ذلك، أشار إلى تحسن واضح في السنوات الأخيرة في هذا الإطار.
تطور بطيء في عدد العمليات
يؤكد الدكتور الفقراوي أن التحسن المُسجَّل لا يزال متواضعًا إذا ما قورِن بعدد الإجراءات المنفذة، الذي يفوق فيه الطلب بكثير العرض المتاح. ويوضح أن المركز يركز على تعزيز البرامج التحسيسية وتشجيع الأسر التونسية على المشاركة الواعية في هذا المسعى الإنساني.
ويبرز الفقراوي التحديات التي يواجهها المركز في إقناع بعض الأسر بالإذن بالتبرع عند حدوث الوفاة الدماغية لأحد الأفراد، لأن أفراد العائلة عادةً ما يكونون غير مدركين لرغبة المتوفى في ذلك أثناء حياته، مما يصعب القرار في أوقات الحزن الشديد.
تشجيع على تسجيل الرغبة المسبقة
لذلك، يدعو الدكتور الفقراوي المواطنين إلى الإفصاح عن إرادتهم المسبقة في التبرع وإضافة علامة “متبرع” على بطاقات الهوية الوطنية، خاصة أن التشريع المنظم لهذا الأمر صدر منذ عام 1999.
ورغم مرور أكثر من 20 عامًا على صدور هذا القانون، لم يتجاوز عدد المسجلين كمتبرعين حتى عام 2020 نحو 13 ألف فرد فقط، وهي نسبة زهيدة جدًا بالمقارنة مع عدد السكان.
ومع ذلك، ارتفع هذا العدد اليوم إلى نحو 15 ألف متبرع، بفضل البرامج التحفيزية التي يديرها المركز، والذي يهدف إلى الوصول إلى مليون متبرع في السنوات المعنية.
ويذكر الدكتور الفقراوي أن المركز ينظم كل عام فعاليات تحسيسية بذكرى اليوم العالمي للتوعية بالتبرع بالأعضاء، الذي يصادف 17 أكتوبر، حيث يتعاون مع الشرطة التقنية لتمكين التونسيين من تسجيل صفة “متبرع” على بطاقاتهم مباشرة.
وقد سجلت بعض هذه الفعاليات إنجازات استثنائية، إذ نجح المركز في يوم واحد بتسجيل ما بين 150 و200 متبرع جديد، حسب البيانات الرسمية للمركز الوطني لترقية زرع الأعضاء.
التوافق مع التعاليم الإسلامية
من منظور ديني، يؤكد الدكتور الفقراوي أن عملية التبرع بالأعضاء لا تتعارض مع مبادئ الإسلام، بل تتوافق مع أهدافه في حفظ الأرواح ونشر الرحمة والإحسان.
ويوضح أن المركز ينسق مع وزارة الشؤون الدينية لإشراك الأئمة والخطباء في نشر الوعي بهذه القضية، مشيرًا إلى أن العديد من علماء الدين أكدوا جواز هذا العمل الإنساني النبيل.
ويضيف الدكتور المنسق في المركز الوطني لترقية زرع الأعضاء: “نحن نحث المواطنين على استشارة رجال الدين في هذا الموضوع، إذ نعلم أن الدين يحث على إنقاذ الحياة، وكلما تعمقت الاقتناعات الدينية والأخلاقية، ارتفع الاستعداد للمساهمة في التبرع”.
حجم الحاجة المتزايدة
من جهة أخرى، تكشف الإحصاءات عن مدى الحاجة المتفاقمة للأعضاء في تونس، حيث يصل عدد المرضى المسجلين في قوائم الانتظار إلى حوالي 1700 حالة، منها نحو 1600 ينتظرون زرع كلى، بينما يترقب 50 مريضًا زرع قلب، و50 آخرون زرع كبد.