وصلت كمية الأوراق النقدية والعملات المتداولة في تونس إلى رقم قياسي بلغ 26.145 مليار دينار بنهاية عام 2024، مقارنة بـ22.104 مليار في العام السابق، لتسجل ارتفاعاً يُقارب 18.28%، أي زيادة قدرها 4.041 مليار دينار، وفق إحصاءات نشرتها البنك المركزي التونسي يوم الاثنين.
يُثير هذا الرقم إنذاراً بشأن انتشار الدفع النقدي على حساب الوسائل الإلكترونية، في سياق اقتصادي يعاني من ضغوط متزايدة. من أبرز هذه التغييرات إلغاء عقوبة الاحتفاظ بمبالغ تفوق 5000 دينار دون تبرير، واستبدال المادة 45 من قانون المالية لعام 2019 بالمادة 57 في قانون 2026، مما سمح بسداد المعاملات الكبيرة نقداً دون قيود صارمة. كما ساهمت عوامل موسمية مثل نفقات نهاية العام والعودة المدرسية والأعياد الدينية (عيد الأضحى وعيد الفطر) في دفع هذه الديناميكية.
وأضاف حديدانة أن توسع السوق الموازي، ناتج عن الضرائب الثقيلة والتجنب الضريبي، يُعزّز من سيطرة النقد، مشدداً على ضرورة إصلاح إطار الشيكات، الذي يُعتبر غير مناسب للمعاملات التجارية الحديثة
تحذيرات وتوصيات: نحو الرقمنة والشفافية
يُحذّر الخبير من مخاطر هذا الاعتماد المفرط على النقد، الذي يُعيق التحول الرقمي ويُفاقم الاقتصاد غير الرسمي. ودعا إلى تطوير الدفع الإلكتروني تدريجياً، وتبسيط الإجراءات الضريبية لتشجيع الشفافية، مما يُحسّن تصنيف تونس في مؤشرات مجموعة العمل المالي (FATF) ويُقلّل من تأثير السوق السوداء على النظام المالي.
اقترح حديدانة كذلك تغيير العملة كحل محتمل، شريطة دعمه بإطار قانوني صارم وآليات رقابة فعالة للسوق غير المنظمة. وأكد أن تبني الأدوات المالية الحديثة والانتقال إلى الدفع الإلكتروني خطوات أساسية لتعزيز الشفافية ودعم النمو الاقتصادي المستدام.