ذكرت صحيفة واشنطن بوست (WP) أن حركة حماس بدأت، بعد دخول الهدنة مع إسرائيل حيّز التنفيذ، حملة أمنية واسعة تهدف إلى استعادة السيطرة الكاملة على شوارع غزة والعشائر المحلية والجماعات المسلحة التي تحدّت سلطتها خلال العامين الماضيين من الحرب.
وأشارت الصحيفة إلى أن مقاتلي حماس نفّذوا إعدامات علنية في مدينة غزة وطاردوا جماعات مسلّحة منافسة في خان يونس ودير البلح، مؤكدين عودتهم كـ”السلطة الوحيدة المرئية“ في القطاع بعد أشهر من الفوضى.
“قاموا بتعصيب أعين ثمانية رجال متهمين بالتعاون مع إسرائيل، وأجبروهم على الركوع وأطلقوا عليهم النار من مسافة قريبة في شارع مزدحم بمدينة غزة”، كتبت الصحيفة، مشيرة إلى أن حماس “أرسلت سيارات محمّلة بالمقاتلين لملاحقة قادة الشرطة العشائرية الذين أعلنوا تنسيقهم مع إسرائيل”.
وتقول واشنطن بوست إن استمرار سيطرة حماس على القطاع يؤثر بشكل مباشر على خطة السلام الأمريكية التي طرحها الرئيس دونالد ترامب، والتي تنص في إحدى مراحلها على نزع سلاح حماس بالكامل و”إخراجها من الحكم في غزة“.
لكن في الوقت الحالي، وبسبب توقف الهجمات الإسرائيلية بموجب الهدنة، ”تحكم حماس الشوارع مجددًا وتستعيد نفوذها في المفاوضات المقبلة حول مستقبل غزة“، بحسب الصحيفة.
وأوضحت أن المرحلة الثانية من المفاوضات، المتوقع عقدها خلال الأسابيع المقبلة، ستتناول تفاصيل نزع سلاح حماس وإدارة القطاع. وتشير تسريبات إلى أن الحركة ستطالب بالاحتفاظ بـ”أسلحة دفاعية“ بحجة مواجهة العصابات المسلحة المنتشرة في غزة.
ورغم إعلان قادة حماس استعدادهم “للتخلي عن إدارة القطاع”، إلا أن مصادر فلسطينية وعربية أكدت لـWP أن الحركة ترى نفسها جزءًا من الهيكل الاجتماعي والإداري لغزة، وقد تتحول إلى حزب سياسي موحّد مع فصائل فلسطينية أخرى.
من جانبه، صرّح الرئيس الأمريكي ترامب يوم 13 أكتوبر أنه “لا يمانع أن تحكم حماس مؤقتًا”، مضيفًا في اليوم التالي:
“لقد قضوا بالفعل على بعض العصابات السيئة… وهذا لا يزعجني كثيرًا.”
في المقابل، برّرت حماس عملياتها بأنها محاولة لإعادة الأمن والحياة الطبيعية إلى غزة. وقد أعلنت الحركة عن تعيين خمسة مسؤولين جدد لإدارة المدن المدمّرة، ونشرت مقاطع مصوّرة لمقاتليها وهم ينظمون حركة المرور ويعيدون فتح الشوارع.
كما عبّر مجلس القبائل القيادي في غزة عن دعمه لحماس في “فرض النظام ومحاسبة الخارجين عن القانون”، بينما اتّهمت الحركة خصومها بـ”التهريب وتجارة السلاح ونهب المساعدات الإنسانية“.
ويرى محللون فلسطينيون أن هذا الصراع الداخلي قد يستمر لفترة طويلة، مما قد يؤدي إلى انقسام أعمق داخل المجتمع الفلسطيني، في حين يخشى البعض أن يخدم ذلك مصالح إسرائيل، التي يُقال إنها تسليح بعض الجماعات المحلية المناوئة لحماس.
وتتوقع الصحيفة أن تواصل حماس في الأيام المقبلة فرض سيطرتها الكاملة على العشائر المتمرّدة في غزة، قبل أن تتجه نحو الشمال والجنوب لإحكام قبضتها الأمنية على القطاع بأكمله.