عقدت لجنة تنظيم وتطوير الإدارة، والرقمنة، والحوكمة، ومكافحة الفساد بمجلس نواب الشعب، يوم الخميس 10 أفريل 2025، جلسة استماع خُصصت لمناقشة مشروع القانون عدد 42/2024 المتعلق بتنظيم نشاط التسويق والبيع عبر المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي. وقد حضر ممثلون عن وزارة التجارة وتنمية الصادرات لتقديم رؤيتهم والإجراءات المقترحة لتنظيم هذا القطاع المتنامي بسرعة.
نمو سريع… وشكاوى متزايدة
منذ بداية الجلسة، ذكّرت رئيسة ديوان وزير التجارة بأن التجارة الإلكترونية تشهد تطورًا ملحوظًا في تونس، حيث تم خلال سنة 2024 تسجيل 1126 موقعاً تجارياً ضمن منظومة الدفع الإلكتروني، فيما بلغ عدد المعاملات عبر الإنترنت 2.2 مليون عملية، بزيادة بلغت 13.4% مقارنة بسنة 2023.
لكن هذا التوسع السريع رافقته تجاوزات وشكاوى متكررة، حيث تلقّت مصالح الوزارة هذا العام 86 شكوى من المستهلكين، من بينها 37 تتعلق بعمليات شراء عن بُعد، خاصةً عبر فيسبوك. وتمحورت الشكاوى حول عدم مطابقة المنتجات المرسلة، غياب الضمانات، وانعدام فواتير قانونية تثبت المعاملة.
قوانين قائمة لكنها غير كافية
ورغم وجود إطار قانوني (قانون عدد 40 لسنة 1998 المتعلق بطرق البيع والإشهار التجاري، وقانون عدد 83 لسنة 2000 المتعلق بالتبادل والتجارة الإلكترونية)، أكدت الوزارة أن هناك نقائص عديدة تعيق السيطرة على النشاط، من أبرزها:
غياب تنظيم صريح لشركات توصيل الطرود.
صعوبة مراقبة البائعين على شبكات التواصل الاجتماعي؛
صعوبة تحديد هوية المتعاملين الرقميين؛
نقص الموارد البشرية المختصة؛
عدم إمكانية مساءلة المنصات الأجنبية؛
مبادرات قيد التنفيذ
من أجل معالجة هذه التحديات، قامت الوزارة بإعداد دراسة تشخيصية في سنة 2022 شملت البنية التحتية، الموارد، وسائل الدفع، الجوانب اللوجستية، وفرص التمويل. وأسفرت الدراسة عن 65 توصية، تم اعتماد عدد منها ضمن خطة عمل وطنية.
كما تم إنشاء هيئة وطنية للتجارة الإلكترونية لتأمين الحوكمة والتنسيق بين مختلف الوزارات. ويجري حالياً إعداد مشروع مرسوم لتحديد مهام هذه الهيئة وتشكيلتها وآليات عملها.
ومن بين المشاريع المطروحة أيضاً، إطلاق علامة ثقة للمواقع التجارية الإلكترونية تهدف إلى طمأنة المستهلكين وضمان جودة الخدمات. وقد تم إعداد مشروع أمر يحدد شروط وإجراءات منح هذه العلامة.
الاعتراف الرسمي بشبكات التواصل كقنوات بيع
يمثل مشروع القانون المعروض نقطة تحول مهمة، حيث يعترف لأول مرة رسمياً بشبكات التواصل الاجتماعي كقنوات للبيع عن بُعد، مما يعكس دورها المتصاعد في عادات الشراء لدى التونسيين. ويهدف هذا النص إلى:
- توضيح شروط ممارسة النشاط؛
- حماية حقوق المستهلك؛
- التصدي للفوضى المتنامية في السوق الرقمية.
كما دعت الوزارة إلى مراجعة الإطار القانوني الحالي وفق ما جاء في مشروع القانون، مع إعادة هيكلة قطاع التوصيل وتعزيز التعاون مع المنصات العالمية لمحاربة التحيل وتوفير الشفافية، وتقليص تأثير التجارة الموازية على الاقتصاد الوطني.
ومن بين الحلول المقترحة، إحداث منصة وطنية تُدرج فيها المواقع الموثوقة للتجارة الإلكترونية من أجل كسب ثقة المستهلكين وتيسير الرقابة.
ملاحظات النواب وتوصيات إضافية
ثمّن النواب الجهود المبذولة، مع التأكيد على ضرورة التحرك العاجل أمام الانتشار الواسع لمنتجات خطيرة تُباع عبر الإنترنت، لا سيما على وسائل التواصل. واقترحوا إنشاء هيكل دائم مختص في رصد المخالفات، تدعمه كفاءات بشرية مؤهلة.
وفي ردّهم، شدد ممثلو الوزارة على أهمية حملات التوعية بالشراكة مع المعهد الوطني للاستهلاك لتعريف المستخدمين بحقوقهم. كما أوضحوا أن مشروع علامة الثقة يخضع حالياً لدراسة تقنية معمّقة بالتنسيق مع عدة جهات.
كما دعوا إلى تعزيز قدرات أعوان المراقبة عبر التعاون الدولي وتبني أفضل الممارسات على المستوى العالمي.
ومن المنتظر أن تواصل اللجنة جلسات الاستماع خلال الأسابيع القادمة، من أجل تعميق النقاش حول مشروع القانون وجمع آراء كافة المتدخلين.