كشفت المخرجة التونسية-الفرنسية إريج سهيري عن الإعلان الترويجي الأول لفيلمها الجديد “وعد بالسماء”، الذي سيُفتتح به قسم “نظرة ما” (Un Certain Regard) ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي 2025، في سابقة تاريخية للسينما التونسية.
ويُعد هذا الحدث إنجازًا بارزًا، حيث سيكون “وعد بالسماء” – بحسب المعلومات المتوفرة – أول فيلم تونسي يفتتح هذا القسم المرموق الذي يحتفي بالأعمال الجريئة والنظرات السينمائية الفريدة.
منذ اللحظات الأولى للإعلان، يظهر أسلوب سهيري المعهود: سرد بصري هادئ، حساس، مشحون بتوتر خفي. تدور القصة حول ثلاث نساء من إفريقيا جنوب الصحراء يعشن في منزل بتونس: ماري، قسيسة إيفوارية وصحفية سابقة مستقرة في البلاد منذ عقد، ناني، أم شابة تهرب من الفقر، وجولي، طالبة تسعى إلى التحرر. ويخلخل وصول طفلة يتيمة إلى هذا البيت الهش توازن العلاقات، كاشفًا عن لحظات تضامن وأيضًا عن هشاشة داخلية لدى كل منهن.
يتجلى في هذا المقطع الدعائي الحس السينمائي العميق لإريج سهيري، التي سبق أن أثارت الإعجاب بفيلمها “تحت التين” الذي عُرض ضمن قسم “أسبوعَي المخرجين” بمهرجان كان 2022، ومثل تونس في سباق الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي.
وقد كتبت السيناريو بالتعاون مع آنا سيينيك وماليكا لواتي، مستندين إلى واقع تونسي معاصر يتسم بتزايد التمييز ضد المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء.
في حديث لمجلة Variety، قالت سهيري: «في البداية، لم أكن أنوي توثيق ما يجري في تونس، لكن شيئًا فشيئًا بدأت القصة تعكس الواقع السياسي. لقد طاردتنا الأحداث الحقيقية خلال كتابة الفيلم.» وتابعت: «كإمرأة تونسية، أشعر بخيبة أمل كبيرة لعدم قدرتنا على استقبال المهاجرين بكرامة، رغم أننا شعب له جالية واسعة في الخارج. نتصرف كما لو أننا لا نعيش جميعًا على نفس القارة، كما لو أننا لسنا جميعًا أفارقة.»
وأشارت المخرجة إلى حرصها على تجنب التنميط في تصوير شخصياتها، مضيفة: «في ظل الاعتقالات الواسعة والمداهمات الأمنية، تساءلنا: كيف يمكن إدماج هذه التوترات في القصة دون الوقوع في أنماط نمطية أو تقديم عنف مجاني؟ كنا نرغب في تقديم نساء يعشن ويقاومن ويحملن الأمل.»
ومن الناحية البصرية، تسلط اللقطات الأولى الضوء على عمل مديرة التصوير فريدا مرزوق، التي عرفها الجمهور من خلال “حياة أديل” لعبد اللطيف كشيش الحائز على السعفة الذهبية في 2013، ومن خلال “وداعًا تيبيريوس” للينا سُليمان. عدستها تلامس الوجوه والمساحات بحساسية عالية وأناقة بصرية واضحة.
يشارك في بطولة الفيلم كل من عائشة مايغا، ديبورا لوبي ناني، لايتيشا كاي، إستيل كنزا دوغبو، فؤاد عزاعة، محمد قريع، وتوري بلاماسي. وقد أُنتج الفيلم من قبل ديدار دومهري وإريج سهيري لصالح Maneki Films وHenia Production، بمشاركة قناة Canal+ وTV5 Monde، وبالتعاون مع Mad Solutions وPathé Touch Africa. أما التوزيع الفرنسي فستتولاه شركة Jour2Fête، في حين تتكفل Luxbox بالمبيعات الدولية.
باختيار مهرجان كان لهذا الفيلم لافتتاح قسم “نظرة ما”، يُسلط الضوء على صوت سينمائي من الجنوب يتمتع بوعي عميق وإنسانية مؤثرة. ومع إصدار هذا المقطع الترويجي، تبدأ رحلة الجمهور نحو عالم هش ومتوتّر، لكن تنبض فيه روح التضامن والمقاومة.